الصفحة الرئيسية  رياضة

رياضة في ظل تفشّي «فوبيا التكذيب» لدى رياضيين تونسيين، اعلاميون يؤكدون: الصحفي مطالب بالتسلّح بسوء النيّة... والانكار سيــاسة الضعفــاء

نشر في  26 فيفري 2014  (13:38)

قيل عن الصحافة منذ نشأتها انها مهنة المتاعب ب»امتياز» وذلك لما تخلّفه من تداعيات وأعراض متداخلة تلقي بظلالها على من اتبعوا سيرها، وهذا ما جعل الاشكالات تختلف من اختصاص الى آخر غير أن النتاج يظل هو نفسه بتعدّد الأسباب والخلفيات فيها. هنا يقفز الى سطح الاهتمام محور جدير بالمتابعة بالنظر الى ارتباطه الوثيق بالتعامل شبه اليومي للاعلاميين الرياضيين مع مختلف مكوّنات المشهد الرياضي بين لاعبين واداريين وفنيين، اذ أنه كثيرا ما يلجأ البعض من هؤلاء الى التنصّل من بعض ما يقولونه في حوارات أو تصريحات صحفية..بل وينزع البعض الى انكار اجراء الاتصال بتاتا والتهرب من المسؤولية خصوصا اذا ما وافق أن تزامن كلام هذا الشخص أو ذاك مع ضجة لم يتوقعها صاحب الفعلة أو أنها أوقعته في حرج واشكالات لم يعتبر لها حسابا..ولذلك يكون الصحفي الرياضي في موضع الاتهام بعد أن كان دوره يقتصر على نقل فحوى الخبر أو التصريح دون زيادة أو نقصان أو ابداء الرأي...
هذا الاشكال الذي يطفو على سطح الأحداث بين الفينة والأخرى دفعنا اياه قسرا لاعبا الدولي لمنتخب كرة السلة صالح الماجري المنتمي الى ريال مدريد، هذا الأخير وعلى هامش الحوار الذي أجريناه معه في الأسبوع الفارط وقال ما قال فيه ان «بعض التونسيين اسرائيليون أكثر من الاسرائيليين»، وللأمانة ولانارة الرأي العام لا بد من التوضيح بأنه قال هذا الكلام وجاء ردا منه عن سؤال أخبار الجمهورية ان كان الذهاب الى اسرائيل يعدّ قضية تزعجه لاحقا، فقلّل من الأمر مؤكدا انه لاعب محترف ولا داعي لاثارة مثل هذا الضجيج والتركيز على اسرائيل طالما انه هنالك من هم في تونس يذبحون وينكّلون بالجثث بشكل أكثر حدة مما يجري في اسرائيل...ونمتلك التسجيلات المؤيدة لكلام الماجري الذي نحترمه ونسانده ونتمنى له كل التوفيق ولكننا لا نرتضي أن يلطخ سمعتنا ومصداقيتنا ارضاء لمزاجه وعلاقاته بين تونس ومدريد... الماجري كان أنزل تدوينة عبر صفحته الرسمية عبر موقع الفايسبوك نفى فيها تصريحه هذا، وحين جابهناه بالحجة والدليل واتصلنا به قال لنا ان الرد كان مفروضا عليه من ادارة ريال مدريد التي رصدت الحوار وتفاعلت معه، ولذلك كان لزاما توضيح موقفنا في أخبار الجمهورية حتى لا نحمّل ما لا طاقة لنا به ويقلّل الماجري أو غيره من مصداقيتنا جراء ضغوطات سلّطت عليه... لن نشخصن الحالة في هذه المساحة لأن حالات النكران والنفي تلاحق العشرات من الزملاء ممن اكتووا بنيران تراجع الوجوه الرياضية عن تصريحات أو حوارات أدلوا بها ليتولوا فيما بعد تجييش الرأي العام الرياضي باتهامات باتت خبزا يوميا للمنتمين الى بلاط صاحبة الجلالة والأدهى في كل هذا أن بعض «الناكرين» يجدون ضالتهم في وسائل اعلام لنفي ما ذكر عند زملائهم ..وهذا موضوع ثان مترامي الأطراف ومؤشر على هشاشة البيت الصحفي ووهنه بشكل يجعل اختراقه بطرق ووسائل مختلفة أمرا يسيرا لدى رياضيين لا يمتلكون مواثيق وأعراف الرياضة ولا يتحملون وزر مسؤولياتهم وحقيقة أقوالهم ان لم تصب في مصالحهم... ماهو المطلوب من الصحفي في مثل هذه الوضعية؟ وهل بات من الضروري أن يتسلّح كل زميل ب»سوء النية» قبل اجراء أي حوار عوض اعداد أسئلته ومحاور الاهتمام؟ هذه عينة من أسئلة خاض فيها بعض الزملاء للبحث في موضوع متشابك استعنا فيه كذلك برأي خبير في القانون الرياضي وكذلك مختص في علم النفس الاجتماعي فكانت القراءات التالية:
توفيق الخذيري (اذاعة المنستير ): الاعلام الرياضي هو الحلقة الأضعف..
أكد الزميل توفيق الخذيري من اذاعة المنستير انه من حق الصحفي أن يبني عناوينه على استنتاجات من وحي كلام الشخص المحاور وفق ما تقتضيه الأمانة الصحفية دون تحريف ولا زيادة ولا نقصان، ولكن تتالي حالات النفي بات يفرض على الاعلاميين اعتماد التسجيلات كشرّ لا بد منه في مثل هذه الحالات لتفادي أي عواقب كانت طالما أن قطاع الاعلام الرياضي بات وفق رأي محدثنا هو الحلقة الأضعف والذي يسهل استهدافه بمسميات عدة، وهنا ختم الخذيري بالقول انه للأسف فان الاعلام هو من يبني صورة الرياضيين ويروّج ويوفر لهم الأرضية للانتشار بيد أنه يصبح مدانا ومتهما في الحلقة الأخيرة.
سليم الربعاوي (جريدة قووول):التسلح بسوء النية اجباري..
من جهته رأى الزميل سليم الربعاوي من جريدة قووول ان طبيعة التونسي كشخص قبل تصنيفه استنادا الى مهنته مبنية على التراجع والنكران خاصة اذا ما تضاربت أقواله وأفعاله مع مصالحه وانتظاراته.. وقد يحدث ذلك تحت وطأة التهديد وهذا ما يجعل الصحفي -وفق رأي الربعاوي- مجبرا منذ البداية على التسلح بسوء النية واعتماد التسجيلات الصوتية لمقارعة من اتهمه بالتزوير أو التحريف وما شابههمامن الادعاءات... وختم الربعاوي بالقول ان قطاع الاعلام الرياضي مهمش وهذا ما يفرض على الصحفي الكثير من الحذر قبل القيام بكل خطوة في مجال عمل ممتلىء بالمزاجيين.
العربي الوسلاتي (جريدة التونسية):المستوى الأكاديمي يتحكّم في ردة الفعل..
من جانب أخر أكد الزميل العربي الوسلاتي (جريدة التونسية) ان المستوى الأكاديمي والثقافي لهذا الرياضي أو ذاك هو من يتحكّم في ردة الفعل ويبرهن عنها لاحقا. الوسلاتي استدل مثلا بالسياسيين الذين قال عنهم انهم نادرا ما تراجعوا عن أقوالهم بفضل مستواهم وهذا ما لا يتوفر عند الرياضيين الذين تتحكم فيهم الأهواء والمصالح، وأكد محدثنا انهم جوبهوا سابقا بمثل هذه الحالة حين أنكر عمار الجمل اجراء حوار لصحيفتهم قبل توقيعه للافريقي وهو ما جعل اللاعب المذكور في مشاكل عديدة عند نشر تصريحه دفعته الى الانكار، وفي السياق ذاته يرى أن هذا التكتيك يحدث دائما اما بانتفاء عامل المصلحة للرياضي المحاور (مفعول به) من هذا الصحفي أو ذاك مما يدفع الرياضي الى الانكار أو أن ردود الأفعال تكون مخيّبة للتوقعات مما يجعل النفي أقصر السبل للنجاة.. وهو ما يتطلب وفق الوسلاتي الحذر من الصحفيين باعتماد التسجيلات لكشف كل من تسوّل له نفسه التعدي على فرسان صاحبة الجلالة وخصوصا في صنفها المكتوب.
منجي النصري (الاذاعة الوطنية): نجني تبعات تهميش الاعلام..
أكد الزميل منجي النصري من الاذاعة الوطنية أن البعض من الاعلاميين ولئن كانوا ينتهجون مبدأ حسن النية والتلقائية في تعاملاتهم خلال بعض الحوارات، فان الواقع يفرض عليهم الكثير من الحيطة والتسلح بكل ما يحميهم من مناهج التكذيب والتشكيك في المصداقية. النصري قال ان كل شخص مطالب بتحمّل مسؤولية كلامه وتصريحاته حتى وان كانت الحقائق صادمة، لكنه أرجع الخلل الحاصل الى غياب المنهج الثقة في التعاملات بين الأطراف المتداخلة في المنهج الرياضي وهذا ما يتطلب وفق النصري اللجوء الى التسجيلات لحماية المصداقية. وعاد محدثنا ليختم بنقطة مهمة جدا أدت الى مثل هذا التشرذم ويتمثل في الفرقة بين الزملاء الصحفيين وعدم وحدة الصف مثلا بالالتقاء في منتديات واجتماعات على شاكلة ما يجري مثلا مع الحكام والمدربين أو حتى في مجالات أخرى بعيدا عن الاعلام والرياضة كالقضاء والمحاماة وغيرها.. وفي هذا السياق استشهد بحجة معبرة وهي أن عددا كبيرا من الاعلاميين لم يسبق لهم الالتقاء ولا يعرفون بعضهم البعض الا بالأسماء لا غير وهذا تدليل اضافي على تهميش القطاع.
الأستاذ منصف عروس: الأمانة الصحفية في واد والتجني في واد ثان
في معرض قراءته للتجاذبات والاتهامات القائمة يرى الأستاذ منصف عروس أن الأمانة الصحفية تفترض على الاعلاميين نقل ما جاء في كلام محاورهم دون تحريف وهو ما تلتزم به الأغلبية في المشهد القائم بتونس وفق رأيه ولا يمكن تجريم الاعلاميين وفق رأيه،عروس طالب كل طرف بتحمل تبعات كلامه حتى لا يكون الصحفي الرياضي بمثابة الشماعة التي يعلق فيها البعض انفعالاتهم أو ندمهم بسبب تصريح أضر بمصالحهم وهذا ما يجعلهم مطالبين بالتسلّح بالأدلة والقرائن وهي التسجيلات. وختم «الماتر» تدخله بتساؤل واستغراب محوره كيف أن هذا الصحفي أو ذاك يحرّف فحوى فقرة من حوار طالما انه مثلا التزم الأمانة في نقل 19 من عشرين سؤالا.. وهو ما يعتبره حجة مردودة على أصحابها ممن انتهجوا خيار التكذيب والتنصل من المسؤوليات.
الاستاذ محمد الجويلي (علم النفس الاجتماعي):التهديد يدفع الى الانكار..
قال الأستاذ محمد الجويلي ان مثل هذا التراجع عن التصريحات مأتاه واضح وهو الرضوخ تحت وطأة التهديد للطرف الذي أدلى بتصريحات خلقت له اشكالا في محيط عمله. الجويلي قال ان الصحفي ليس مطالبا في مرحلة لاحقة بتحمّل مسؤوليات من أنكر خاصة اذا ما حمل معه القرائن على سلامة موقفه تجاه اضطرابات صاحب القول الذي يضطر بطريقة أو بأخرى الى انكار كلما كان في موقع ضعف يجعله متذبذبا ازاء ما لحقه من ردود أفعال تؤدي الى هذا الارتباك...

اعداد: طارق العصادي